دخلت فلسطين مرحلة حادة من أزمة الغذاء، وقد تأكدت المجاعة في محافظة غزة للمرة الأولى في تاريخ التصنيف العالمي للأمن الغذائي. التصعيد الحالي ليس مجرد تصاعد مؤقت، بل مؤشر على انهيار واسع في قدرات الإنتاج والوصول إلى الغذاء.
فقط أعلن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن المجاعة باتت مؤكدة في محافظة غزة، مع توقع انتشارها إلى دير البلح وخان يونس بنهاية سبتمبر 2025. وان أكثر من 640,000 شخص في غزة سيواجهون ظروف المجاعة (المرحلة الخامسة) خلال الفترة من 16 أغسطس إلى 30 سبتمبر 2025.
في ذات الفترة، يُتوقع أن يكون هناك 1.14 مليون شخص في حالة طوارئ (IPC Phase 4)، بالإضافة إلى نحو 396,000 في أزمة (Phase 3) ومن المقدر أن 132,000 طفل بين 6 إلى 59 شهراً سيعانون من سوء تغذية حاد خلال الفترة من يوليو 2025 حتى يونيو 2026، منها 41,000 حالة شديدة.
في تقرير “Food Security & Nutrition” الخاص بمكتب الإحصاء الفلسطيني، البيانات المتاحة تصل حتى 2022 فقط بالنسبة لبعض المؤشرات، لكن التقرير الوطني “Food Security Crisis Worsened” في مايو 2025 يؤكد أن 86% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمعنى أنهم لا يتمتعون بالأمن الغذائي الكامل.
وبحسب تقرير “Food Security Analysis — WFP Palestine، مايو 2025”، يعاني السكان من انقطاع السلع الأساسية، وتذبذب الإمدادات وأسعار تضخمية تعيق الوصول إلى الغذاء. كما اشارت دراسة صادرة عن WHO: نحو 21.6% من المشاركين في مسح صحي لعام 2025 كانوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منها 4٪ حالات شديدة، فيما بقي الباقي حالات متوسطة.
الأسباب الراهنة لتفاقم الأزمة
-
تدمير البنية الزراعية والمرافق الإنتاجية
تقارير حقوقية تؤكد أن الهجمات المتعمدة دمرت بشكل كبير المزارع، البيوت البلاستيكية، شبكات الري والمخازن. التقرير “We Will Leave Them Nothing” يوثق أن نحو 75٪ من الأراضي والمرافق الزراعية في غزة تعرضت للدمار -
قيود الوصول والاغلاق المتكرر للمعابر
إغلاق الممرات والممرات المخصصة للإغاثة يعرقل دخول المواد الغذائية والوقود والإمداد، ما يجعل توزيع الغذاء داخل غزة شبه متوقف في بعض المناطق. -
انخفاض القدرة الشرائية والتضخم الغذائي
الأسعار العالمية والمحلية ارتفعت بشدة، والعديد من الأسر فقدت وسيلة لتأمين الغذاء الكافي بسبب فقدان الدخل والتضخم. -
اعتماد كامل تقريبًا على المساعدات
معظم الأغذية المعروضة في غزة الآن تأتي من المعونات أو الواردات التي تصل بصعوبة، وليس من الإنتاج المحلي. -
تفاقم سوء التغذية
عبور العتبات المتعلقة بسوء التغذية تعدّ من مؤشرات المجاعة: في غزة، تم الوصول إلى هذه العتبات، حيث استُوفيت معايير المجاعة من حيث الاستهلاك وسوء التغذية الحاد.
الوضع المقارن في الضفة الغربية
بينما الضفة لم تدخل مرحلة المجاعة، فإن السكان يعانون من ضغوط متزايدة: تزايد الأسعار، ضعف الدخل، وقيود على الحركة تأثر بمعدلات الجوع، خاصة في الأسر الهشة. تقارير WFP تشير إلى أن الأسواق في الضفة تواجه تحديات في العرض بسبب ارتفاع تكاليف النقل والقيود.
الفئات الأشد تضرراً
-
الأطفال دون الخامسة، الحوامل والمرضعات، حيث سوء التغذية الحاد والشديد يهدد حياتهم بشكل مباشر.
-
الأسر النازحة داخليًا والمحرومة من مصادر دخل منتظمة، والتي أصبحت تعتمد كليًا على المساعدات.
-
المناطق المحاصرة أو التي يصعب الوصول إليها، حيث توزيع الأغذية شبه معدوم بدواعي أمنية أو لوجستية.
-
المرضى وكبار السن الذين لا تتحمل أجسادهم الجوع أو سوء التغذية لفترات طويلة.
التدخلات الضرورية الفورية
-
فتح كافة الممرات بشكل دائم وبدون قيود لضمان تدفق الإغاثة والمواد الغذائية والوقود.
-
توسيع نقاط التغذية العلاجية في كل مناطق غزة، مع تحرك نشط للكشف المبكر على سوء التغذية.
-
دعم نقدي مباشر للأسر في الضفة لتخفيف العبء الغذائي وتمكينهم من شراء الغذاء الضروري.
-
توزيع حصص غذائية طارئة مكثفة تشمل منتجات غذائية أساسية ومغذيات علاجية (RUTF) للأطفال والحوامل.
استراتيجيات التعافي والمرونة على المدى المتوسط
-
إصلاح وتأهيل البنية التحتية الزراعية فور توفر الوصول، بما في ذلك استصلاح الأراضي، ترميم شبكات الري، تأهيل البيوت البلاستيكية.
-
إطلاق مشروعات زراعية سريعة الإثمار لدعم الأمن الغذائي المحلي وتقليل الاعتماد على المساعدات.
-
مخزون استراتيجي محلي للحبوب والمواد الأساسية لتخفيف الصدمات المستقبلية.
-
تحسين أنظمة الحماية الاجتماعية وربطها بسلاسل القيمة المحلية لتعزيز مرونة الأسر.
-
تطوير نظم معلومات مبكرة للغذاء والتغذية لمراقبة الأسعار، توافر السلع، تغذية الفئات الضعيفة، واتخاذ قرارات مبنية على بيانات.
في 2025، دخلت فلسطين مرحلة غير مسبوقة من أزمة الغذاء، مع تأكيد المجاعة في غزة وتوسعها المخيف المتوقع. الأرقام الحديثة لا تُظهر مجرد تفاقم مؤقت، بل انهيارًا في القدرة على الإنتاج والوصول إلى الغذاء. ما نحتاجه اليوم هو مزيج من الإغاثة الفورية المكثفة وإعادة بناء الزراعة والبنى التحتية لتعزيز قدرة السكان على الصمود. إذا أردت أن أعد لك نسخة جاهزة للنشر مع تنسيق ويب (صور، فقرات مقسمة، روابط، تصميم) فقط قل لي وسأرسلها لك فورًا.